(الشرق الاوسط)
يُهيمن الانتظار والترقب على سلوك المستثمر العقاري في المغرب، وذلك وسط أزمة جمود بالقطاع ناجمة عن عوامل عدة، أبرزها أن الأسعار أصبحت تفوق القدرة الشرائية لكثير من المواطنين.
ويقول محمد لحلو، رئيس الجمعية المغربية للوكالات العقارية: «منذ سنوات ونحن نعيش أزمة، والطلب يزداد انكماشا. ورغم أن الأسعار تنخفض؛ فإن العمليات قليلة».
ويرجع لحلو الأسباب بشكل أساسي إلى ضعف القدرة الشرائية، مشيرا إلى أن مستويات الأجور مجمدة في المغرب منذ سنوات، في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار العقار، إضافة إلى تشدد البنوك في منح القروض في السنوات الأخيرة، وارتفاع مديونية الأسر. وأضاف لحلو: «نحن بصدد تنظيم مناظرة مع كل المتدخلين في القطاع، لبحث أسباب الأزمة وسبل تجاوزها».
وحسب محمد بناني، مدير وكالة الأمل العقارية، فإن «هناك مستثمرين يرغبون في الشراء، ولديهم الإمكانات، غير أنهم يعتقدون أن الأسعار أصبحت مرتفعة بشكل غير مقبول، وهم مقتنعون بأن السوق ستواصل الانخفاض، لذلك هم يفضلون الانتظار».
ويضيف بناني: «عندما أجلس مع مستثمر وأسأله أن يقدم لي عرضا، فإنه يبقى ساكتا. وهذا الأمر محير. العمليات قليلة جدا».
وفي الدار البيضاء، العاصمة التجارية للبلاد، صمد العقار طويلا أمام الأزمة، ولم يبدأ في الانخفاض إلا خلال العامين الماضيين. ويضيف بناني أن هناك عرضا كبيرا في القطاع السكني، وأن آلاف الشقق تنتظر المستثمرين.
ويشير بناني إلى أن التوجه للانخفاض أصبح مهيمنا؛ سواء بالنسبة للعقار السكني أو العقار المكتبي، مع الإشارة إلى أن العقار السكني يهيمن عليه طلب الشراء، في حين يهيمن طلب الإيجار على العقار المكتبي، إذ أصبحت الشركات تفضل كراء (تأجير) المكاتب بدلا من الاستثمار في شرائها.
ففي مجال العقار المكتبي والإداري في الدار البيضاء، تقول إيمان القباج، المديرة العامة لفرع مجموعة «سي بي ريشارد إليس» بالمغرب، إن الطلب تأثر سلبا بتباطؤ النمو الاقتصادي. وتضيف القباج أن مناطق العقار المكتبي الفاخر في الأحياء الجديدة المتخصصة تعرف استقرارا في أسعار الإيجار، في حدود نحو 180 درهما (18 دولارا) للمتر المربع.
غير أن الشركات العقارية تمنح بعض الامتيازات والتشجيعات للمستثمرين، من قبيل الإعفاء من أداء إيجار الأشهر الثلاثة الأولى، والتي يحتاجونها من أجل تهيئة المكاتب وإجراء الإصلاحات.
أما في مناطق أخرى، مثل منطقة سيدي معروف بالدار البيضاء، حيث العقار المكتبي المتوسط والبسيط، فالمنافسة قوية حول الأسعار التي تتجه في الأشهر الأخيرة نحو الانخفاض.
ويبقى مركز المدينة التاريخي، في شوارع آنفا والزرقطوني مرتفعا؛ لأن العرض ضعيف في هذه المنطقة والطلب قوي جدا. وتتراوح فيها أسعار إيجار العقار المكتبي بين 150 و190 درهما (ما بين 15 و19 دولارا) للمتر المربع.
وتضيف القباج أن إطلاق كثير من المشروعات في السنوات الأخيرة غير وجه العقار المكتبي في الدار البيضاء، قائلة: «إننا انتقلنا من العمارات التي تضم شركات إلى جانب السكان، إلى عمارات متخصصة في العقار المهني والمكتبي، ثم إلى أحياء كاملة متخصصة في العقار المكتبي، كما هو الشأن بآنفا بلاس ومارينا الدار البيضاء». وأوضحت القباج أن هذه الأحياء الجديدة توفر عقارا مكتبيا متطورا بحق، ووفق معايير أجود مراكز الأعمال العالمية، مع فضاءات تجارية وسياحية وخدمات قريبة، إضافة إلى وجودها على شاطئ البحر.
وذكرت القباج أن الطلب الحالي على العقار المكتبي في الدار البيضاء يقدر بنحو 30 ألف متر مربع في السنة، حسب تقديرات «سي بي ريشارد إليس»، في حين أن المشروعات الجارية التنفيذ تتوقع تسليم نحو 40 ألف متر مربع خلال السنوات الثلاث المقبلة، وأعدادا أكبر خلال السنوات التالية.
كما تقدر المساحة الإجمالية للعقار المكتبي المتوفر في الدار البيضاء (المستغل والفارغ) بنحو 1.7 مليون متر مربع. وتقول القباج إن «هذا الحجم لا يزال ضعيفا مقارنة بطموحات الدار البيضاء ومكانتها الوطنية والإقليمية، لذلك فلا يزال هناك هامش كبير للتطوير والاستثمار. الأمر يتوقف فقط على ملائمة الظرف الاقتصادي ومعاودة النمو الاقتصادي».
وعلى صعيد متصل، أصدر مكتب «أبلاين سيكورتيز» للدراسات المالية والاقتصادية، التابع لمجموعة البنك الشعبي المركزي في المغرب، تقريرا عقاريا حديثا، أكد فيه أن القطاع العقاري بالمغرب سيشهد خلال عام 2017 مزيدا من حالة الركود التي يشهدها القطاع منذ العام الماضي 2016. وذلك في ظل تراجع مستوى أعمال الشركات ومحدودية معدل النمو لمستوى معاملاتهم، التي جعلت القطاع يمر بأسوأ أزمة يواجهها منذ بداية القرن الحالي.
وأشار التقرير الذي صدر مطلع الأسبوع، إلى أن حجم القروض التي استفاد منها المطورون العقاريون خلال عام 2016، تراجع بنسبة 6.3 في المائة، مقارنة مع حجم القروض في عام 2015، مضيفا أن التداولات الخاصة بالمعاملات العقارية تراجعت هي أيضا خلال عام 2016، وذلك بنسبة 9.1 في المائة.
وفيما يخص الشركات العاملة بالقطاع العقاري والمدرجة في بورصة الدار البيضاء، أكد التقرير أن رقم معاملاتها شهد تراجعا كبيرا بنسبة 2.8 في المائة خلال عام 2016، وذلك بعد استقراره في مستوى 17.1 مليار درهم (نحو 1.71 مليار دولار)، بعد تراجع معاملات «سوناسيد» بنحو 26.3 في المائة، كما تراجعت معاملات «كولورادو» أيضا بنسبة 3.7 في المائة، مقابل ارتفاع معاملات مجموعة «لافارج هولسيم» بنسبة 1.7 في المائة.